لؤلؤة جميلة جعلها الله في قلوب الناس ، ليعيشوا في سرور و هناء. فالحب ينبت البهجة في القلب كما ينبت المطر الزرع. الحب دليل لصفاء العقول و نقاء القلوب. و معنى الحب أن يكون المحبوب أولى عندك من نفسك ، تصغي إليه إذا حضر و تفتقده إذا غاب ، و تطيعه ، و تسعى لإرضائه و فعل ما يفرحه و اجتناب ما يبغضه. فإذا لا توجد هذه فاليعلم الثقلان أنه ليس هناك حب حقيقي .
و الحب قد يكون طبيعيا و قد يكون شرعيا. و قد يجب شرعيا و طبعيا كحب الله و رسوله صلى الله عليه وسلم. و من علامات إيمان العبد ، أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سوهما. و محبتهما إطاعتهما و اتباع أوامرهما و اجتناب نوا هيهما. فإذا ادعى أحد مجبة الله و رسوله صلى الله عليه وسلم ، و هو منهمك بعصيانهما و ارتكاب المحرمات و ترك الواجبات، فادعائه باطل مردود ، لأن الله يقول ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ).
ولا بد للحب من أن يكون خاليا عن التفريط و البدع. فبعض الناس يبدعون أشياء ليس لها في الإسلام نصيب، و يدعون بفعلهم ذالك حبا و تعظيما و هم لا يدرون أن حبهم هذا سيهوي بهم في نار جهنم. فلا بد من الحب أن لا يقود الإنسان إلى المحرمات و البدع و الترهات.
و الحب الطبيعي هو الذي يكون في قلب كل إنسان ، لشخص أو لشئ. والحب في الإسلام يكون بين الرجل و امرأته و الولد و والديه و المسلم لأمة الإسلام. فيرحم الجميع و يحافظ عليهم و يصلح أحوالهم و يساعدهم . و يرى و يعرف قيمتهم في حياته و أنهم نعمة و ليس بعبء.
الحب يولد الرحمة و العطف و حسن الخلق. فالإنسان إذا أحب عمى عن خطايا المحبوب و نسيها و تذكر محاسنه و كررها. الحب إحساس لطيف ناعم قوي. و قوته تظهر من أفعال العبد. فإنسان كان حرا يمشي و يفعل ما يريد ، يغير حياته كاملة لتكون وفق رؤية من يحب. ثم إذا كان المحبوب صالحا صلح الحبيب و إذا كان مفسدا هلك.
و الحب سبب لتناسل البشرية و لبقاء وجدان الناس. فلولا الحب لما تناسلوا ، و لو تناسلوا لما استطاعوا أن يعيشوا في مجتماعات آمنة. و الحب للإسلام و المسلمين فرض و مفتاح لدخول الجنة. ( لا تدخل الجنة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ) فالحب شرط الإيمان . فلا يمكن للإنسان أن يدعي الإسلام و يكره المسلمين ، و إن عصوا و فجروا. عليه بحبهم و دعوتهم. فالإسلام دين قائم على المحبة و الإحترام و الرحمة. و بسبب هذا ينبغي للمسلم أن يدعوا أخاه إلي ما ينفعه في الدنيا و الآخرة رحمة و شفقة و محبة. و أن يحب له ما يحب لنفسه.
و الحب الذي بين الجنسين سبب للحياة السعيدة للوالدين و الأولاد. و هي قائمة على اسس الثقة و الصدق و تجاوز الأخطاء البسيطة و عدم العنف و قبول عذر الآخر و قلة العتاب. فلو زال الحب فلا داعي لبقاء أسرة ليس فيها ولاء و شغف. و زوال المحبة و الإحترام مفتاح الطلاق و التباعد الأسري. و أيضا يسبب ضياع الأولاد و نشأتهم نشأة سيئة ، بعيدة عن الأخلاق الحميدة . لذا من الله على الإنسانية بأن جعل الحب في قلوبهم ليتراحموا.
و هناك حب آخر فاسد غير صحيح. و هو الذي يغريك في المعاصي ، و غالبا لا يتجاوز رغبة الجسد ، و هو مع الأسف الشائع في عصرنا هذا. و له عيد أيضا ، و عيده يوم تستباح فيه جميع ما حرمه الله من الزني و الاختلاط و سوء الخلق و جميع ما يستقذر في المجتمع الإسلامي. فالحب كان ليسعدك و إذا أفسدك و عكر حياتك و أغراك بعصيان من تجب محبته فاعلم أنك على وشك الهلاك، فإما أن تصلح و إما أن تخرج.
و لا يجوز في الإسلام إلا عيدين فقط. و الحب ليس بأمر تظهره في السنة يوما و تحتفل به . بل هو إحساس دائم معك لأسرتك و أولادك و زوجتك و أقاربك و وطنك و مجتمعك و أمتك و الإنسانية جمعاء. فإذا لم يكن هذا فأنت مجنون في تيه.
الخلاصة ، الحب لا يخلوا منه إنسان ، سواء كان حبه في المحرم أو في المباح. و لكن لا بد من العلم أن هذ الإحساس الجميل الرائع ، و هذا الصفة الربانية ، قد تجعل الإنسان في أسفل السافلين ، إذا تجاوزت حدودها ، إما إفراطا أو تحريما. فالحب ذوالفقار ، خير و شر ، سعادة و خذلان. فاختر ما تحب ...
والسلام
No comments:
Post a Comment
شكرا على التعليق